أول المنازل - ومرض الموت






	أول المنازل - ومرض الموت  Shrta.com-6c9badbaba





بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اليوم أول مجالسنا الاسبوعية المباركة إن شاء الله
والتي سنتطرق فيها الى الحديث عن القبر واهواله ونعيمه وأهله
والاخرة من هول المطلع والحشر والصراط والحوض
ثم الى النار واهلها، وصفها ودركاتها
وبعدها الجنة ومفاتيحها، سكانها ونعيمها
ثم وصف النبي صلى الله عليه وسلم ، و وفاته
وبعدها رؤية الله عزّ وجل

وقد يأخذ الدرس الواحد أكثر من جلسة لنوفيه حقّه

نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحُسن عبادته
/ ماهر
_______________________________________

أول المنازل - ومرض الموت
الانسان يعيش في هذه الحياة، ثم تأتيه لحظة الرحيل
(إنك ميت وإنهم ميتون)

كل ابنِ انثى وإن طالت سلامته
يوما على آلة حدباء محمولُ

لابد ان ننتقل من هذه الدار، إلى دار الحياة الأساسية
(وإن الدار الآخرة لهي الحيوان)
لانها الحياة الأصلية والحقيقية للانسان

الله عزّ وجل في بعض الناس، يرسل إليهم نذرا وتحذيرات
ربما كبر السن، ربما مرض مستعصي، ربما حادثة معينة تستوقفه ليعيد التفكير مع نفسه

حتى يقال:

ربما فتح لك باب العمل
واغلق عليك باب القبول

وربما اتاك بالذنب للتتوب
فكان سببا للوصــــــول


فعندما يمرض الانسان مرض الموت، ويعجز الاطباء ويعلنوا عن يأس حالته
ونحن جالسون بجواره، يحجب لسانه عنا فيثقل لسانه و يبدأ بالدخول للعالم الاخر
ويبدأ باختراق حاجز الزمان والمكان، فيكون معنا موجود لكن يرى مالا نرى، ولو رد إليه القول لما استطاع أن يصف لنا مايرى لعظمه وثقله.
يقول الله تعالى:
(فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)
يصبح بصره أكثر حدة مما كان عليه، فيرى الحقائق المخفية كما هي، ويرى تفاهة الدنيا التي لانراها، ويرى عظمة الاخرى التي مافكرنا فيها يوما

مرّ البصري يوما على قوم يبكون فقال: ماهذا ؟!
قالوا: يبكون على متوفى لهم
قال: سبحان الله ! فليبكوا على أنفسهم نجى من ثلاثة مانجوا منها بعد
وجه ملك الموت وقد رأى
ومرارة الموت وقد ذاق
ومكانه في الجنة أو النار وقد عرف
فليبكوا على أنفسهم

فالمريض مرض الموت، يكشف عنه الحجاب فيرى الحقائق، ولربما تكون جالسا بجواره ماسكا بيده وهو يرى وانت لاترى،


وهنا تمتلئ الغرفة بملك الموت وأعوانه، ونازلٌ مع ملك الموت فريقان من الملائكة، ملائكة الرحمة وملائكة العذاب
فعندما ينزل يراه العبد رؤية العين، حتى وإن كان في غيبوبة او فاقدا للبصر
وهنا عنوان ولك أن تسميه نزع الروح

وملك الموت لابد أن شكله مرعب، ويكفيك أنه سيأخذك من بين أهلك وأطفالك وأحبابك، وسيريك أمورا لن تريد أن تراها وسيدخلك على امور لا تدري إلى أين تذهب





فإن كانت الروح طيبة تنزع سهلة مسيورة
وبعض الاموات وفي لحظة النزع منهم من يعرق، ومنهم من يهتز ومنهم من يئن ومنهم من لاتسمع صوتا له، وهذه دلالات لايعلمها إلا الله. ولكن نحكم على الانسان بسابقة اعماله.
إن كان العبدُ صالحا قد وفقه الله الى طاعته وتراه يتقلب من طاعة إلى طاعة، ليس بالضرورة ان روحه تنزع سهلة ولكن يريحه ملك الموت فينزع الروح ربما من الرجلين، ثم الى الركبتين، ثم الى الوسط، ثم الصدر ، ثم يأخذها
وإن كانت شديدة النزع، فهذا كفارة لما بقي من السيئات، لذا يدعوا الصالحون
(اللهم هون علينا سكرات الموت)

فتنزع الروح،
اذا كانت طيبة، تستقبلها ملائكة الرحمة بحنوط وأكفان من الجنة فتلفها
والحنوط هي أقمشة معطرة جميلة من الجنة
ثم ترتفع الى السماء وهي برائحتها الزكية وتناديها الملائكة وتسلم عليها بأحب اسماءها اليها في الدنيا، لان هذه الروح عمّرت الدنيا بالطاعة
فترتفع الروح الى الملأ الأعلى وهي في هذا المهرجان
حتى يقول الله عزّ وجل.

وسعوا لعبدي في قبره، واجعلوا له مد البصر، وافتحوا له بابا ليرى مقعده من الجنة
فيقول العبد:
يارب عجل بالساعة عجل بالساعة

فإذا كان هذا المهرجان الان، فكيف فيما بعد قيام الساعة !؟

اما الاخر والعياذ بالله روح منتنة، ومع ان الروح التي بين جنبيه هي من عند الله تعالى، إلا أنه خبّثها وأظهر الفساد في البرِّ والبحر، فالذنوب لها رائحة لاتشمها الا الملائكة، ومن فضل الله ما شممنا رائحة الذنوب وإلا ماجلس مسلم بجوار مسلم

فتخرج الروح منتنة وتُغَلّق في وجهها أبواب السماء، وكأن هذا إيذان بطردها من رحمةالله فتقول الملائكة:
روح من هذه الخبيثة ؟
فيقال:
روح فلان ابن فلان (بأسوأ اسماءه في الدنيا)
فيقول الله عز وجل:
ضيقوا على عبدي في قبره حتى تختلف اضلاعه، واملأوه له حيات وعقارب، وافتحوا له بابا يرى مقعده من النار
فيقول العبد:
يارب لاتعجل بالساعة لاتعجل بالساعة.

في هذه الاثناء تكون الروح مقتربة من البدن ونحن نحملها إلى القبر،
فالروح الطيبة تنزل معها الملائكة إلى إن ان تستقر في الجسد مرة اخرى
اما الروح الخبيثة والعياذ بالله ترمى من السماء وتهوي إلى الأرض حتى يشعر صاحبها بالسقوط من هذه المسافة - نسأل الله السلامة -

وإن كنا مسرعين في الدفن
وكانت الروح صالحة تستبطئ السرعة وتقول:
علامَ تؤخرونني، لو تعلمون ماينتظرني من الخير لعجلتم بجنازتي

وإن كانت خبيثة تقول:
علامَ تسرعون بي، لو تعلمون ماينتظرني من الشر ماعجلتم بجنازتي ياويلي ياويلي.

-----------

فلنعمل لنكن من اصحاب الروح الطيبة المباركة
حتى نسعد سعادة أبدية ليس بعدها شقاء أو حزن وخوف

نتوقف هنا ونكمل في الاسبوع القادم بإذن الله تعالى
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربِّ العالمين