لا يفـرح عاقـل بثمـار السـراب !.!!





الكل يتسلق جبال الأوهام .. والآمال الكبيرة لدى الجميع هي الوصول لواحات السعادة عند بلوغ القمم .. تلك الواحات التي لم تكن حقيقة في يوم من الأيام .. الأعمار في بدايات الخطوة هي الأشد يقيناَ وتلهفاَ لبلوغ تلك الواحات .. ثم تتراجع الهمم يوماَ بعد يوم مع تقدم الأعمار .. لأن التجارب تثبت لهم مع مرور السنوات بأن الدنيا هي في النهاية دار مكابـدة .. وثمار الدنيا ملقحة بلقاح السراب .. والسراب وهـم في ذاتـه وفي ثمـاره .. فالواهم الجاهل يواصل الجهد والتسلق لبلوغ قمـة هي ليست موجودة من الأساس .. أما ذلك الفطن اللبق يتوقف عن تسلق الأوهام عند علامات الإشارة الأولى .. فيجتهد متواضعاَ بالمقدور ويقتنع .. ويجعل القناعة في القدر المتاح .. والقناعة كنز لا يفنـى .. فهو يؤمن يقيناَ بحسابات الأقـدار .. وهنا الزمن يشير إلى تلهف الناس في كل المسارات حيث نرى في كل الساحات الهالات الكبيرة من جبال الأوهام .. ونرى البحار والبحار من أحلام اليقظة التي تحيط أذهان الناس .. وتلك الأحلام عند الضرورة لا تتحقق بالأمنيات .. إنما هي تتحقق بالعلم وبالتخطيط وبالمثابرة وبالتضحيات .. الملايين من الأجيال الشابة اليوم تظن أن الأحلام تتحقق بالإبدال والتغيير والنقض والثورات والفورات .. وهـي في ذلك واهمة ولا تخدع إلا نفسها .. والبدائل من البشر والزعامات ما هي إلا عدد مظهرية تمثل الصفر في تحقيق الأحـلام التي تراود النفوس .. والنصيحة الحكيمة للأجيال تكمـن في تناول العمل الجاد والإنتاج المثمر والبذل والجهد في كل الاتجاهات .. وتلك هي شعارات العالم المتقدم اليوم من حولنا .. والذي نبذ مظاهر الفوضى والجهالة والبلطجة .. ولحظة إنتاج وخدمة تحت عزيمة صادقة مقترنة بالوطنية أفضل مليون مـرة من تلك التجمعات في الميادين بهدف المناوشات وبهدف تحقيق ثمار السراب .. ويظنون بذلك أن الرخاء في البدائل .. ويظنون أن التقدم في التناحر والتحزب والتشتت والحروب الأهلية .. ونراهم يرقصون ويطربون لمجرد تبديل الأشخاص في الساحات السياسية .. والهدف العاقل ليس في كسب جولات التنافس السياسية .. ولكن الهدف العاقل في تحقيق التنمية والرخاء والعدالة والأمن والصحة .. أما تلك المكاسب أو الخسائر في جولات التنافس السياسي فهي جدل في الفارغ .. وهي غاية الخاسر فيها خاسر والرابح فيها خاسر .. لأن المعاناة ستظل قائمة حتى ولو تم تجربة حكم كل زعامات البلد .. وحتى ولو تم تجربة كل أجندات الفرق المتناحرة .. فالرخاء لا يكون بالتبديل والقتال والاعتماد فقط على أحلام اليقظة .. لا يمكن لأحد أن يوجد شجرة مجرد صورة في لوحة ثم يطلب ثمارها .. ذلك من المستحيل .. فالذي يريد أن يأكل ثمـرة جادة عليه أن يوجد الأرض الصالحة ثم يوجد البذرة الصالحة .. ثم يجتهد في مراحل النمـاء وفي النهاية سوف تكون هناك الثمرة التي تفيد .. وبغير ذلك فلو أجمعت الأمة في رسم ملاين الأشجار في لوحات السراب والأوهام فلن تكون لها ثمـار تنفع الأمـة .. ولو جلست الأمة طوال حياتها في ميادين الثورات بغير إنتاج وجهد فهي في النهاية خاسرة ومضيعة لأوقاتها .. فلا خير في متملك للذمام وهو يهدر الوقت في التناوشات .. ولا خير في ثائر يهدر الوقت في الكيديات .. وكل الصور الحالية مقلوبة تمثل أخطاء جسيمة .. والساحة خالية من عقول تفكر تفكيراَ مجرداَ من العواطف والمواقف والاتجاهات .. وتظهر وتؤكد حقيقة المقولة بأن إنسان العالم الثالث يفضل أن يكون تحت وطأة مداس الاستبداد والعسكر .. وتلك مقولة كنا نتمنى أن تتخطاها الأجيال الجديدة بعقلية العصر المبنية على الحكمة والعلم وخرائط التنمية البعيدة عن مناوشات الجهل والجهلاء .. ولكن يا حسرة فإن الأشبال خطواتها هي في نفس خيبة خطوات الكبار .. وفي النهاية مازالت المعاناة قائمة .. وستظل قائمة في كل الظروف البديلة وغير البديلة .. ويا أسفاَ على أمم لا تفكر بعقلها .. بل تنادي بعواطفها .