[rtl]الوَقْف.. وأَثَرُه على الاقتِصَاد والمُجتَمَع  VELPEHDBt-Wi4WUq15MKosDetNgk_CBtKFt6jAxCoXvTnpbg9qG29WELviMtH2QJHSvxo2GvUY5PXbH1TAerhNbkNbrulDNDtU9SKBJkO_Tz4ea_9ePATiV4t1qCMzTtVYYd3wF49XQk57OiqkozXeQ[/rtl]






[rtl]تناول الكتاب الوَقْف باعتباره نتاجًا إنسانيًّا خالصًا من حيث النشأة؛ لكنَّ نظام الوَقْف في الإسلام يتفرَّد عن غيره من النُّظُم المُشابهة من حيث الرِّيادة في إيجاد قواعد فِقْهِيَّة (قَانُونِيَّة) وتَنظيميَّة، فالتَّجربة الإسلاميَّة في الوَقْف هي أُولَى التّجارب من حيث وضع إطار قانونيّ وتنظيميّ للوقف بشكله الفرديّ أو الحكوميّ، الذُّريّ والخيريّ.[/rtl]
 
[rtl]وقَد غَدا نظام الوَقْف نظامًا دينيًّا مُؤسَّسَاتيًّا، أَكْسَبَه الإسلام -كديانة وكتشريع وكمنظور اقْتصَاديّ سَامٍ- تنظيمًا؛ فأصبح النّظام الوَقْفيّ بصيغته الإسلاميَّة مُؤَسَّسَةً نظَاميَّة كُبرى ذات أبعاد مُتَعَدّدَة ومُتشابكة، يختلط فيها الدّينيّ بالاجْتمَاعيّ والاقْتصَاديّ، وبالثقافي والإنْسانيّ الشَّامل، وهو الأمر الَّذي جعَل مُؤَسَّسَة الوَقْف في ظلّ الإسلام مُرْتَكَزًا ومُنْطَلَقًا للحضارة الإسلاميَّة على مَرّ العصور، بما تُمَثّلُه تلك المؤسَّسَة من قِيَم السماحَة والعطاء الإنْسانيّ، والتَّضَامُن والتكافل بين أبناء آدم -عليه السلام- على اختلاف دياناتهم وألوانهم وأجناسهم؛ حيث اتّسَعَت مظَلَّة الوَقْف الإسْلاميّ لتُغَطّي سائر أَوْجُه النَّشاط الإنْسَانيّ اتّصالًا بصُوَر كثيرة من التكافل والعطاء الإنْسانيّ للفقراء والمُعْوَزين على اختلاف أنواعهم؛ من مَرْضَى، وضُعَفاء، وأرامل، ومساكين، وغارمين.. وغيرهم، سواءً كان ذلك النشاط خَدميًّا أو إنتاجيًّا، وُصولًا إلى مرْفَقَي الدّعوة والجهاد في سَبيل الله، ومرورًا بالمدارس والمستشفيات، ودُور العلْم والمكتبات.[/rtl]
 
[rtl]يسعى هذا الكتاب إلى بيان وتَحْليل نظام الوَقْف الإسْلاميّ من خلال التَّعْريف بمفْهوم الوَقْف وأهَمّيَّته، وأنواعه وشُروطه ومجالاته، ومَشْروعيَّته ونماذجه التَّطْبيقيَّة، وأهداف الوَقْف ومقاصده، إضافةً لإحاطته بأُسُس إدارة المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة وأهمّيَّة تطبيق الحوكمة ومبادئها لضمان فاعليَّة المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة، ودراسة مُختلف التَّحدِّيات التي تُواجِه نظام الوَقْف الإسلاميّ على المستوى الدَّاخليّ والخارجيّ، وتحديد مُرْتَكَزَات تطوير الوَقْف الإسلاميّ، وكذا تبيان أَوجُه التبايُن والاختلاف بين النماذج التَّطْبيقيَّة والتَّنظيريَّة للوقف -غربيًّا وإسلاميًّا-، وبيان تَطَوُّر الوَقْف؛ تَنْظيرًا وتَطبيقًا، على مَرّ العصور والحقَب التاريخيَّة. وأخيرًا تَسعى الدّراسة لبيان وتحليل العَلاقة بين الوَقْف وأَبْنية المجتمع المدنيّ بتطْبيقاتها المعاصرة.[/rtl]
 
[rtl]لقد انطلق هذا الكتاب في جوهر دراسته لنظام الوَقْف من أهمّيَّة هذا النّظام ودوره المحوريّ في التَّنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة، فأيّ نظام اقتصاديّ عادةً ما يختصّ بمجال محدَّد ومخصَّص، إلَّا أنَّ نظام الوَقْف يمكن وصفه بالنظام الاقتصاديّ والاجتماعيّ العابر للمجالات والقطاعات، فهو لا يترك قطاعًا إلَّا ويعمل على تنميته، ولعلّ هذه الخاصّية هي السبب الرئيس لكون الوَقْف كنظام اقتصاديّ واجتماعيّ يُعدّ ضاربًا في القِدَم، فتاريخيًّا أينما وُجِدَت الرغبة الإنسانيَّة بالتطوُّر نجد حضورًا للوقف وإن كان بأشكال مختلفة ومتباينة، فالوَقْف كان وما يزال رفيقًا للإنسان في سعيه الحضاريّ، لذلك كان من الطبيعي أن نجد علاقة طرديَّة بين التَّطوُّر الحضاريّ وازدهار نظام الوَقْف ومُؤسَّسَاته، فالحضارة العربيَّة الإسلاميَّة في ذروة مجدها كانت تمتلك مُؤسَّسَات وَقْفيَّة متطورة بمعيار ذلك العصر، وحاليًا وفي العالم الغربي المتقدِّم حضاريًّا نجد أنه يمتلك مُؤسَّسَات وَقْفيَّة بالغة التطوُّر، فالتطوُّر رفيق لازم للنهضة الإنسانيَّة، وأينما وُجِدَ أحد هذين القرينين وُجِدَ القرين الآخر، لذلك فإنَّ الكتاب واستنادًا على هذه الأهمّيَّة تناول في طيات فصوله الثلاثة عشر مختلف الجوانب المرتبطة بالوَقْف كنظامٍ اقتصاديّ واجتماعيّ.[/rtl]
 
[rtl]سعى الكتاب لتناول وتغطية مُختَلف المفاهيم المرتبطة بنظام الوَقْف ابتداءً من دراسة الجوانب الفقهيَّة للوقف كمشروعيّته وحُكْمه وشروطه وخصائصه، مرورًا بدراسة المقاصد الشَّرعيَّة له ودراسة الأدوار المنوطة به، على المستوى الدِّينيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ، مُعرِّجًا على أقسام الوَقْف وصُوَره، وتطوّر هذه الصور والأقسام عبر التاريخ بما ينسجم مع تغيُّر وتطوُّر الحياة اقتصاديًّا واجتماعيًّا.[/rtl]
 
[rtl]كما تناول الكتاب دراسة شروط الواقفين من وجهة نظر فقهيَّة وتأصيليَّة، وتحديد ماهيَّة الاشتراطات ومشروعيتها وتأثيرها على جوهر نظام الوَقْف وفاعليّته، وعرّج الكتاب على دراسة الحركة التطورية للوقف بدءًا من عصور ما قبل الإسلام، مرورًا بمختلف العصور الإسلاميَّة وانتهاءً بدراسة واقعه وازدهاره في ظلّ الدولة العثمانيَّة، موضحًا مرونة الوَقْف كنظام إسلاميّ قادر على التماهي مع مُتغيّرات العصر ومستجدّات الحياة.[/rtl]
 
[rtl]قدّم الكتاب نظرة عامة وشاملة حول مظاهر عظمة الوَقْف في الحضارة الإسلاميَّة، مستشهدًا على ذلك بتقديم جملة من صُوَر الوَقْف ومظاهره كالوَقْف على الأرامل والأيتام والوَقْف على الحيوانات وغيرها من صُوَر الوَقْف التي اختصّ به نظام الوَقْف الإسلاميّ عن غيره من الأوقاف في الحضارات الأخرى، واضطلع الكتاب بدراسة معمَّقة لدور الوَقْف كنظام اجتماعيّ واقتصاديّ مناط به التخفيف من حدّة الفوارق الطبقيَّة الاجتماعيَّة، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعيَّة، ودوره المحوريّ في إعادة توزيع الدَّخل والثروة في البِنْيَة الاقتصاديَّة الإسلاميَّة.[/rtl]
 
[rtl]تطرَّق الكتاب أيضًا لإدارة الوقف، بدءًا من الإدارة التَّقليديَّة القائمة على أصول الفقه الإسلاميّ والتي سادت نظام الوَقْف بدءًا من ظهور الإسلام حتى بدايات العصر الحديث، مُوضِّحًا واجبات ناظر الوَقْف على اعتباره ركنًا رئيسًا من أركان إدارة الوَقْف في الإسلام، مُعرِّجًا كذلك على مفهوم استبدال الوَقْف وشروط الاستبدال، كما تناول الكتاب إدارة الوَقْف وفقًا للمفهوم الحديث في الإدارة، مبينًا حركة التطوُّر التاريخيّ لإدارة الوقف، مقارنًا بين الإدارة الإسلاميَّة التَّقليديَّة والإدارة الحديثة بمختلف مدارسها.[/rtl]
 
[rtl]اهتمّ الكتاب بمفهوم الحوكمة باعتباره أحد المفاهيم الحديثة البالغة الأهمّيَّة والتي بات تطبيقها يُشكِّل أولوية قصوى لنجاح المُؤسَّسَات بغضّ النَّظر عن طبيعتها وماهيّة نشاطها، وأوضح أُسُس حوكمة الوَقْف معرِّجًا على آثار غياب الحوكمة في المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة على فاعليَّة نظام الوقف، مبينًا دور التكنولوجيا الحديثة في خدمة حوكمة المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة ورفع مستوى أدائها وفاعليّتها الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.[/rtl]
 
[rtl]اضطلع الكتاب بتحديد ودراسة أهمّ التَّحدِّيات التي تواجه نظام الوَقْف في العالَم الإسلاميّ، مُقسِّمًا هذه التَّحدِّيات لداخليَّة وخارجيَّة، مُنوِّهًا بأثرها على فاعليَّة نظام الوَقْف وعلى قدرته على تحقيق الأهداف المناطة به وتغطية الأدوار المضطلع بها، كما تناول الكتاب سُبُل تطوير نظام الوَقْف في العالم الإسلاميّ، مبينًا أُسُس واعتبارات وشروط استثمار الوقف.[/rtl]
 
[rtl]وختم الكتاب فصوله بدراسة أهمّ التّجارب الغربيَّة في إدارة المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة، من حيث الخصائص والنماذج، بحيث تكون هذه الدِّراسة المقارنة مدخلًا لتطوير المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة في العالم الإسلامي ومرتكزًا لإسقاط بعض جوانب التَّجربة الغربيَّة في الوَقْف على التَّجربة الإسلاميَّة.[/rtl]
 
[rtl]وقد خلص الكتاب ومن خلال منهجيَّة البحث المعتمدة، ومن خلال الدِّراسة والتَّحليل لجملةٍ من الاستنتاجات، نبيّنها فيما يلي:[/rtl]
[rtl]·       نظام الوَقْف الإسلاميّ بمختلف أشكاله يُفْضِي ويهدف لغاية نبيلة سامية؛ ألَا وهي عمارة الأرض، وتعزيز روابط التكافل والمؤاخاة بين المسلمين، ودَعْم أَوْجُه التَّراحم فيما بينهم، وتحقيق كفاية المجتمع على كَافَّة الأصعدة بما يعمل على حِفْظ كرامة الإنسان، ويدعم حاجات الفقراء والمحتاجين.[/rtl]
[rtl]·       يتَّسم نظام الوَقْف في الإسلام بجملة خصائص تُميّزه وتفرده عن وجوه البِرّ الأخرى، وعلى رأس هذه الخصائص أنَّه صدقة جارية، لا تنتهي مفاعليها ولا تنقضي حسناتها بموت الواقف، فالوَقْف الإسلاميّ ومن حيث الجوهر يُعدّ خيرًا دائمًا لا ينقطع أثره.[/rtl]
[rtl]·       يُعدّ الوَقْف نتاجًا إنسانيًّا خالصًا، فمن حيث النشأة لا يمكن تحديد نقطة زمنيَّة محدَّدة أو حضارة بعينها قامت بإنتاج هذا النِّظام الاقتصاديّ الاجتماعيّ، إلَّا أنَّ الوَقْف الإسلاميّ يتفرَّد عن غيره من النُّظُم المُشابهة من حيث الرِّيادة في إيجاد قواعد فِقْهِيَّة (قَانُونِيَّة) وتَنظيميَّة، فالتَّجربة الإسلاميَّة في الوَقْف هي أولى التجارب من حيث وضع إطار قانونيّ وتنظيميّ للوقف سواء أكان بشكله الفرديّ أو الحكوميّ، الذُّريّ والخيريّ.[/rtl]
[rtl]·       اضطلع نظام الوَقْف الإسلاميّ خلال مختلف العصور الإسلاميَّة بأدوار عدَّة، وأُنيطت به مهامّ مُتعدِّدة، بدءًا من الدّور الدينيّ الوعظيّ والإرشاديّ مرورًا بالدور الاقتصاديّ والاجتماعيّ، وليس انتهاء بالدور التَّعليميّ والتربويّ، فللوَقْف أيادٍ بيضاء في صناعة الحضارة الإسلاميَّة في مختلف مجالاتها، وبعض الأوقاف الإسلاميَّة في العصر العباسيّ وما تلاه من عصور كان لها أثر واضح ما يزال ماثلًا حتى الآن، ناهيك عن أن لبعضها شهرةً عالميَّة في تلك العصور.[/rtl]
[rtl]·       يُشكِّل العصر العثمانيّ في مسيرة الحضارة الإسلاميَّة محطَّة مهمَّة من محطات الوقف، ففيها تمّ إثراء التجربة الوَقْفيَّة الإسلاميَّة من خلال إدخال أوقاف جديدة وتطوير أخرى قديمة، إضافة لتطوير أُسُس وأساليب إدارة الأوقاف من خلال إيجاد دوائر ودواوين مناط بها رعاية الأوقاف وتطويرها.[/rtl]
[rtl]·       ساهم الوَقْف كنظام اقتصاديّ واجتماعيّ إسلاميّ في تعزيز رؤية الإسلام وتطبيقها فيما يتعلّق بالعدالة الاجتماعيَّة، فالأوقاف لعبت دورًا مباشرًا في إعادة توزيع الدخل والثروة في المجتمع الإسلاميّ، الأمر الذي انعكس بشكلٍ مباشرٍ على مستوى العدالة الاجتماعيَّة في المجتمع الإسلاميّ، كما ساهم في تعزيز منظومة القِيَم الاجتماعيَّة التي نادى بها الإسلام، فالوَقْف لعب دورًا تنفيذيًّا للرُّؤَى النَّظريَّة للإسلام.[/rtl]
[rtl]·       شكَّلت نظارة الوَقْف خلال العصور الإسلاميَّة المختلفة الشكل الإداريّ الأوَّل والأبسط للوقف، ولاحقًا تمّ تدعيم هذه الإدارة بدواوين ترعى شؤون الأوقاف، لذلك يمكن توصيف نظارة الوَقْف بالإدارة المباشرة التَّنفيذيَّة، بينما دور الدواوين بالإدارة الإشرافيَّة غير المباشرة، وتكامل هذين الدورين ساهم بشكل مباشر في الحفاظ على فاعليَّة الأوقاف خلال العصور الإسلاميَّة الطويلة.[/rtl]
[rtl]·       شكَّلت الإدارة الوَقْفيَّة، من خلال النُّظَّار بشكل مباشر والدواوين بشكلٍ غير مباشر، إطارًا تنظيميًّا فاعلًا للأوقاف الإسلاميَّة، إلَّا أنَّ هذا النَّمط الإداريّ فَقَد جزءًا لا بأس به من فاعليته في العصر الحديث نتيجة التغيّرات المتسارعة في عِلَم الإدارة وظهور الإدارة العلميَّة في القرن التاسع عشر ولاحقًا ظهور مدارس إداريَّة جديدة، فالإدارة الإسلاميَّة التَّقليديَّة للأوقاف تراجعت فاعليتها ممَّا شكَّل ضرورة حتمية لإدخال تعديلات جذريَّة على البِنْيَة الإداريَّة والتَّنظيميَّة للأوقاف الإسلاميَّة.[/rtl]
[rtl]·       تتعدَّد التجارب الإداريَّة للأوقاف الإسلاميَّة في العصر الحديث، فغالبيَّة الدُّوَل الإسلاميَّة تعتمد على إدارة حكوميَّة مباشرة للأوقاف، وهذا الأمر أدَّى لتشابه الأنماط الإداريَّة للأوقاف في غالبيَّة الدُّوَل الإسلاميَّة، فلا وجود لتمايز إداريّ حقيقيّ بين التجارب الراهنة للوقف في العالم الإسلاميّ، وفي حال وجود تمايز فهو في حدوده الدنيا، لذلك يمكن وصف التجربة الإداريَّة الإسلاميَّة المعاصرة للوقف بالتجربة الواحدة.[/rtl]
[rtl]·       ترتبط فاعليَّة المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة في العصر الحاليّ بشكلٍ مباشر وعضويّ بمدَى تطبيق مبادئ الحوكمة، فالحوكمة باتت ضرورة حتمية لقدرة هذه المُؤسَّسَات على تحقيق الأثر المطلوب منها، ومن المُلاحَظ هنا أنَّ غالبيَّة المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة تعاني من ضَعْف واضح في تطبيق مبادئ الحوكمة، لا سيَّما فيما يتعلق بالاستقلاليَّة الإداريَّة والماليَّة وتطبيق معايير الإفصاح الماليّ والمحاسبيّ.[/rtl]
[rtl]·       تعاني منظومة الوَقْف الإسلاميَّة من جملة تَحدِّيات داخليَّة وخارجيَّة تَحُدّ من فاعليتها وتحوّل دون تحقيق أهدافها، ومن أبرز التَّحدِّيات الدَّاخليَّة غلبة النَّمطيَّة على الوَقْف الإسلاميّ، وتراجع الوعي العامّ بأهمّيَّة نظام الوقف، وغياب التَّشريعات القانونيَّة المُحفِّزَة للوقف، إضافةً للإدارة الحكوميَّة المباشرة للأوقاف؛ الأمر الذي أدَّى لتراجع مرونة نظام الوقف، ومحاولات السَّيطرة على الأوقاف لا سيَّما في النصف الأول من القرن العشرين.[/rtl]
[rtl]·       يعاني نظام الوَقْف الإسلاميّ المعاصر -بالإضافة إلى التَّحدِّيات الدَّاخليَّة- من جملة تَحدِّيات خارجيَّة تساهم هي الأخرى في الحدّ من فاعليّته، منها الإرث الاستعماريّ السَّلبيّ على منظومة الوَقْف الإسلاميّ في حِقْبَة الاستعمار الغربيّ للعالم العربيّ والإسلاميّ في النّصف الثّاني من القرن التاسع عشر والنِّصف الأوَّل من القرن العشرين، وما تزال بعض تداعيات هذا الإرث السَّلبي حاضرةً حتى الآن في منظومة الوَقْف الإسلاميّ وإن كانت بدرجات متفاوتة.[/rtl]
[rtl]·       يُعدّ استثمار الوَقْف مدخلًا رئيسًا لتطوير منظومة الوَقْف في الإسلام، والاستثمار يمكن أن يتم على العين الموقوفة أو على ريع الوقف، فالاستثمار من شأنه تعظيم المنفعة المرتبطة بالوَقْف كنظام اقتصاديّ، ومن شأنه حمايته من التَّضخُّم وتآكل قيمة الأصول.[/rtl]
[rtl]·       تُشكِّل التجربة الغربيَّة في الوَقْف في العصر الحالي من التّجارب الرَّائدة، وتتفوق في فاعليتها وأثرها الاقتصاديّ والاجتماعيّ والثقافيّ والعلميّ على نظيرتها الإسلاميَّة، وهذا التفوُّق يمكن عزوه لعدَّة أسبابٍ، أهمّها وجود بيئة تشريعيَّة ناظمة ومحفِّزة للوقف في العالَم الغربيّ، إضافةً لاعتماد العمل المؤسَّسيّ في الوَقْف وتطبيق النُّظم الإداريَّة الحديثة في إدارة المُؤسَّسَات الوَقْفيَّة، وحصولها على الشَّخصيَّة الاعتباريَّة التي تمنحها هامشًا واسعًا من الحُرِّيَّة والاستقلاليَّة الماليَّة والتَّنظيميَّة، إضافةً لعدم تدخُّل الحكومات الغربيَّة في عمل هذه المُؤسَّسَات والاكتفاء بالدور الإشرافيّ والرقابيّ غير المباشر، وهو ما تَفْتقده التَّجربة الإسلاميَّة المعاصرة.[/rtl]
[rtl]·       إنَّ الاستفادة من التَّجربة الغربيَّة في إدارة الوَقْف لتطوير التَّجربة الإسلاميَّة يتطلَّب عدم استنساخها استنساخًا تامًّا، فلا بُدّ من الأخذ بعين الاعتبار خصوصيَّة المجتمع الإسلاميّ بحيث يتمّ الاقتباس من هذه التَّجربة، بما يَنْسَجم مع المجتمع الإسلاميّ، ولا يتعارض مع الضَّوابط الشَّرعيَّة والفقهيَّة الإسلاميَّة.[/rtl]


[rtl]لتحميل الكتاب  : https://bit.ly/3s9dFa2[/rtl]